تقنيات المستقبل

الجامعات الذكية: كيف تُحوّل التكنولوجيا الطلاب إلى بيانات قابلة للإدارة؟

في كتابها الجديد “الجامعة الذكية: مراقبة الطلاب في العصر الرقمي” (Smart University: Student Surveillance in the Digital Age)، تكشف الباحثة ليندسي وينبرغ عن التحولات الجذرية التي تفرضها شركات التكنولوجيا الكبرى على التعليم العالي في الولايات المتحدة، محذرةً من أن هذه التحولات تُهدد خصوصية الطلاب، بل وتُعيد تعريف معنى التعليم نفسه.

ماذا تقصد بـ”الجامعة الذكية”؟

تشير وينبرغ إلى أن مصطلح “الجامعة الذكية” يُشبه في جوهره فكرة “المدينة الذكية”، حيث يتم إعادة هيكلة الجامعات العامة لتتمحور حول إنتاج وجمع البيانات الرقمية. ومن خلال استخدام تقنيات مراقبة متقدمة، تقوم هذه المؤسسات بـ:

  • تتبع حركة الطلاب داخل الحرم الجامعي

  • مراقبة الوقت الذي يقضيه الطلاب على أنظمة إدارة التعلم (LMS)

  • تمييز الطلاب الذين “يحتاجون” إلى استشارات أكاديمية

  • توجيه آخرين نحو تخصصات معينة بطرق خفية تحت غطاء “التحسين الفردي”

وتوضح وينبرغ أن ما يجعل هذه التقنيات جذابة لإدارات الجامعات هو وعودها بـخفض التكاليف، وتخصيص الخدمات، وتحسين التصنيف الأكاديمي، ما يعكس تبني الجامعات لعقلية الابتكار التكنولوجي بأي ثمن.

من الطالب إلى المستهلك

وفقًا للكتاب، أصبح يُنظر إلى الطالب كـ”مستهلك” يجب كسبه، و”عامل مستقبلي” يجب تهيئته، و”مولّد محتوى” يمكن استغلاله لأغراض تسويقية، و”مورد بيانات” يُستخدم لجعل الجامعات أكثر ذكاءً. وهذا يُمثل، بحسب وينبرغ، اختزالًا خطيرًا لمفهوم التعليم، حيث تُصبح البيانات هي المحور بدلًا من الفكر النقدي أو النمو الإنساني.

هل فقد التعليم هدفه الأساسي؟

يتساءل الكتاب ضمنيًا: “ما الهدف الحقيقي من التعليم الجامعي؟

ورغم أن وينبرغ لا تُقدّم إجابة مباشرة، إلا أنها تُظهر كيف أن الإجابة على هذا السؤال تُؤثر بشكل عميق على طريقة معاملة الطلاب والمعلمين. فكلما انحرف الهدف نحو إنتاج “أفراد بيانات” قادرين على ملء أدوار في الاقتصاد الرقمي، تراجع التركيز على الإنسان نفسه.

نهاية متوقعة… ولكن غير كافية

كما هو الحال في كتب مثل Means of Control، يُنهي الكتاب فصوله بدعوات مألوفة لـ:

  • التحرك الجماعي

  • سن قوانين جديدة لحماية الخصوصية

  • أدلة تقنية لحماية البيانات الشخصية

لكن يتساءل بعض النقاد إن كانت هذه النصائح كافية حقًا لمواجهة قوة “رأسمالية المراقبة” التي تُسلّع وتستغل خصوصيتنا بشكل منهجي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى