الطباعة الحيوية للجلد: تقنيات جديدة تعيد الأمل في علاج الحروق والإصابات الكبرى

تُعد الطباعة الحيوية إحدى أبرز آفاق الطب التجديدي، إذ تحمل وعدًا بإنتاج أنسجة وأعضاء عند الطلب. لكن التحدي الأكبر كان دائمًا في القدرة على إنشاء شبكات أوعية دموية قادرة على تغذية هذه الأنسجة. مؤخرًا، طور باحثون من جامعة لينشوبينغ في السويد تقنيتين جديدتين في الطباعة الحيوية يمكن أن تمهد الطريق لإنتاج ترقيع جلدي متقدم مزود بأوعية دموية.
الجلد: العضو المنسي
يُعد الجلد من أكثر أعضاء الجسم التي لا يُقدّر دورها حق قدره، إذ يشكل حاجزًا أساسيًا ضد الجراثيم والسموم والإشعاع، كما ينظم درجة الحرارة وفقدان الماء، ويعد عضوًا حسيًا مهمًا ينقل الشعور باللمس والألم.
في حالات الإصابات الشديدة مثل الحروق، غالبًا ما يُعالج المريض بزرع طبقة رقيقة من البشرة (epidermis)، لكن معظم البنى الحيوية الأساسية، مثل الأوعية الدموية والأعصاب وبصيلات الشعر، توجد في طبقة الأدمة (dermis). ولأن نقل الأدمة يترك جرحًا مماثلًا، فإن ترقيع الجلد التقليدي لا يعيد كامل الوظائف وغالبًا ما يؤدي إلى ندوب خطيرة.
تقنية “الجلد في محقن”
طوّر الفريق أول تقنية عبر إنشاء حبر حيوي (bioink) يحتوي على خلايا تُعرف بـ الخلايا الليفية (fibroblasts)، وهي الأكثر شيوعًا في الأدمة وتنتج الكولاجين والإيلاستين وحمض الهيالورونيك.
نُميت هذه الخلايا على كرات صغيرة من الجيلاتين، ثم خلطت مع حمض الهيالورونيك لتكوين جل يمكن ضخه عبر فوهة طابعة ثلاثية الأبعاد. أطلق الباحثون على هذا الابتكار اسم “الجلد في محقن”.
اختُبرت التقنية بزرع أقراص صغيرة تحت جلد الفئران، وأظهرت النتائج (نشرت في مجلة Advanced Healthcare Materials) أن الخلايا الحية أنتجت مواد مهمة لتكوين الأدمة الجديدة، كما نمت أوعية دموية جديدة داخل الطُعوم.
تقنية خيوط الهيدروجيل
أما التقنية الثانية، فقد اعتمدت على طباعة خيوط من مادة هيدروجيل مائية داخل الأنسجة. يمكن ترتيب هذه الخيوط بأنماط معقدة ثم إذابتها بإنزيم بسيط، تاركة قنوات تشبه الأوعية يمكن أن تنمو فيها الشعيرات الدموية لاحقًا.
هذا النهج، عند دمجه مع التقنية الأولى، قد يمكّن الباحثين من تكوين أدمة صناعية كاملة الوظائف.
التحديات والمستقبل
رغم أن النتائج واعدة، إلا أن نقل هذه التقنيات من المختبر إلى الاستخدام السريري سيستغرق وقتًا طويلًا. فالتحدي الأكبر يكمن في ضمان تكامل الأوعية الدموية بشكل فعال ضمن ترقيع جلدي يعمل بكفاءة وظيفية.
مع ذلك، يرى الباحثون أن هذه التطورات تمثل خطوة حقيقية نحو علاجات عند الطلب للإصابات الجلدية الأكثر خطورة مثل الحروق الواسعة.