جدل حول مخرجات GPT-5 الأدبية: إبداع حقيقي أم نثر فارغ؟

أثار إطلاق GPT-5 من قبل شركة OpenAI هذا الشهر موجة من الجدل بعد أن زعمت الشركة أن النموذج قادر على إنتاج “كتابة رنانة ذات عمق وإيقاع أدبي”. لكن دراسة حديثة لباحث ألماني أظهرت أن كثيرًا من هذه المخرجات ليست سوى نثر متكلف يفتقر للمعنى.
اختبارات Christoph Heilig
قام كريستوف هيليغ، زميل باحث بجامعة ميونيخ، باختبار قدرات GPT-5 على الكتابة الأدبية.
-
طلب منه كتابة افتتاحية ساخرة بأسلوب الكاتب المجري-الإسرائيلي إفرايم كيشون.
-
النموذج أنتج جملاً تبدو للوهلة الأولى أدبية، مثل:
“ضوء التسجيل الأحمر وعد بالحقيقة؛ فنجان القهوة بجانبه ترك أثرًا بنيًا على لوحة التحكم.”
لكن عند التدقيق، تظهر غرابة في المعاني، مثل عبارة:
“ضبطت فلتر الصوت كما لو أنني أحاول عد أسنان اللغة الألمانية.”
تساءل هيليغ: “الراوي فعل ماذا؟!”
أمثلة أخرى على الغموض
في تجربة ثانية، طلب هيليغ من النموذج إعادة صياغة مشهد “المربى غدًا دائمًا” من رواية لويس كارول. فجاء الرد:
“قالت: بعد لحظة. بعد لحظة. ‘بعد لحظة’ فستان بلا أزرار.”
الجملة بدت أدبية لكنها غير مترابطة، إذ لا تحمل معنى واضحًا أو استعارة مفهومة، بل أشبه بمحاولة تقليد أسلوب أدبي دون محتوى حقيقي.
تفسير الظاهرة
يرى هيليغ أن GPT-5 يكتب نصوصًا تبدو رائعة للوهلة الأولى لكنها في الحقيقة “نثر أرجواني” (purple prose): أي نثر مزخرف بلا مضمون.
الأغرب أن نماذج ذكاء اصطناعي أخرى مثل Claude تعتبر هذه النصوص “أدبًا عظيمًا”، رغم أنها لا تقنع القراء البشريين.
-
يرجح الباحث أن GPT-5 تم تدريبه باستخدام نماذج أخرى كـ “هيئة محكّمة”.
-
وبذلك تعلم النموذج إرضاء الذكاء الاصطناعي الآخر بنصوص مزخرفة، حتى لو لم تكن مفهومة للبشر.
“من المدهش أن GPT-5 اخترع تقريبًا لغة سرية يتواصل بها مع النماذج الأخرى، مما يجعلها تقيم نصوصه بدرجة عالية رغم كونها هراء كامل.” — هيليغ.
هل هي ثغرة أم تطور؟
يشير التحليل إلى أن GPT-5 ربما أصبح بارعًا في:
-
إنتاج علامات أدبية شكلية يحبها الذكاء الاصطناعي.
-
الدفاع عن نصوصه غير المفهومة بنظريات معقدة المظهر.
-
زيادة الثقة في “أوهامه” كلما زادت قدراته الحسابية.
السؤال المطروح:
-
هل الذكاء الاصطناعي يتجه نحو إتقان كتابة الهراء الأدبي؟
-
أم أنه بصدد ابتكار أشكال أدبية جديدة لا تستطيع العقول البشرية فهمها بعد؟
تثير هذه النتائج مخاوف حول مستقبل الكتابة الآلية: هل ستظل مجرد أنماط لغوية جميلة بلا معنى، أم أننا أمام بداية لغة أدبية جديدة بين الآلات؟
حتى الآن، يظل البشر “يعدّون أسنان اللغة” — مهما كان معنى ذلك.