دراسة جديدة: غرس الشعور بالذنب في الذكاء الاصطناعي يعزز السلوك التعاوني

مع تزايد قوة الذكاء الاصطناعي، تتزايد الجهود العالمية لضمان عمل هذه التقنية إلى جانب البشر بدلاً من أن تكون ضدهم. وتشير أبحاث حديثة إلى أن غرس شعور بالذنب في أنظمة الذكاء الاصطناعي قد يكون أحد السبل لتعزيز سلوكها التعاوني.
تحديات التوافق الأخلاقي
بينما يسعى قطاع الذكاء الاصطناعي إلى تحقيق ما يُعرف بـ”الذكاء العام الاصطناعي”، هناك أصوات تنادي بالحذر، داعية إلى التأكد من أن هذه النظم تتوافق مع القيم البشرية. إلا أن هذا التوافق ليس بالأمر السهل، في ظل عدم اتفاق البشر أنفسهم على القيم الأخلاقية.
الفرضية: هل الذنب يحفّز التعاون؟
في دراسة نُشرت في Journal of the Royal Society Interface، قام الباحثون باختبار فرضية مستوحاة من الطبيعة البشرية:
هل يمكن أن يكون لشعور الذكاء الاصطناعي بالذنب تأثير على سلوكه، تمامًا كما هو الحال لدى البشر؟
استخدمت التجربة وكلاء برمجيين بسيطين ضمن سيناريو معضلة السجين الشهيرة في نظرية الألعاب، حيث يتوجب على كل طرف أن يقرر في كل جولة ما إذا كان سيتعاون أو يخون الطرف الآخر، مع وجود مكافآت أو عقوبات بناءً على القرارات.
كيفية غرس الشعور بالذنب في الأنظمة
أُضيف لكل وكيل عداد يحصي عدد المرات التي قام فيها بسلوك غير تعاوني. وإذا تجاوز الوكيل حدًا معينًا من الأفعال غير التعاونية، فإنه “يشعر بالذنب”، مما يجبره على التنازل عن بعض نقاطه كمظهر من مظاهر التكفير الذاتي.
تم اختبار نوعين من الشعور بالذنب:
-
الذنب الاجتماعي: لا يشعر به الوكيل إلا إذا كان يعلم أن خصمه سيشعر بنفس الذنب لو فعل الشيء ذاته.
-
الذنب غير الاجتماعي: يظهر بغض النظر عن تصرفات الخصم.
النتائج: الذنب الاجتماعي يعزز التعاون
-
كانت النتائج لصالح الذنب الاجتماعي، الذي أثبت فعاليته في تعزيز التعاون بين الوكلاء.
-
في حين أن الذنب غير الاجتماعي تم التخلص منه بسرعة في التجمعات المفتوحة.
-
لكن في شبكات تفاعلية أكثر تعقيدًا تشبه المجتمعات البشرية، استطاعت مجموعات من الوكلاء الشعورين بالذنب غير الاجتماعي أن تستمر لفترة أطول.
ماذا يعني هذا للمستقبل؟
رغم أن هذه التجارب أجريت على نماذج برمجية بسيطة، فإن النتائج توحي بأن غرس مفاهيم عاطفية مثل الذنب في الأنظمة المتقدمة قد يلعب دورًا في تقويم سلوكها. ومع ذلك، يبقى شكل الذنب في نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة مثل ChatGPT أو Gemini أو Claude غامضًا، وكذلك مدى تأثيره الفعلي في قراراتها المستقبلية.
ومع استمرار تطور هذه النماذج، تبقى هذه الدراسات بمثابة مؤشرات مبكرة على أهمية دمج الجوانب النفسية والاجتماعية في تصميم الأنظمة الذكية، لضمان توافقها مع السلوك البشري.