علماء أمريكيون يحذرون من تأثير سياسات ترامب على البحث العلمي والهجرة

أثارت سياسات إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب جدلًا واسعًا في الأوساط العلمية والأكاديمية، حيث يخشى عدد من الباحثين أن تؤثر هذه التوجهات على حرية البحث العلمي، وتمويل المشاريع، وجذب المواهب الدولية. بينما يرى البعض أن التغييرات في لغة الخطاب لن تؤثر على جوهر العمل العلمي، يخشى آخرون أن تكون لهذه التغييرات انعكاسات مباشرة على جودة الأبحاث واتجاهاتها.
قيود على الذكاء الاصطناعي
أعربت إيما بيرسون، أستاذة مساعدة في علوم الحاسوب بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، عن قلقها من أن الشركات المطورة للذكاء الاصطناعي قد ترضخ لضغوط الإدارة، ما قد يؤثر على تطوير النماذج ذاتها. وأشارت إلى أن خطة الإدارة للذكاء الاصطناعي تتضمن اشتراط أن تكون النماذج اللغوية قادرة على توليد “إجابات صادقة” وفق تعريف الحكومة، في محاولة لـ “منع الذكاء الاصطناعي المستيقظ (Woke AI)” داخل المؤسسات الفيدرالية. هذا النوع من التوجيهات قد يعيد تشكيل طريقة تطوير وتدريب النماذج في المستقبل.
أثر السياسات على البحث الطبي
أحد الباحثين في العلوم الطبية الحيوية حذر من أن الحظر الفعلي على برامج التنوع والإنصاف والشمول (DEI) قد ينهي مبادرات استهدفت تعزيز مشاركة النساء والأقليات في التجارب السريرية. فقد كانت المعاهد الوطنية للصحة (NIH) وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية تعمل منذ سنوات على معالجة ضعف تمثيل هذه الفئات عبر تمويل خاص لمشاريع تعالج الفوارق الصحية، إلا أن كثيرًا من هذه البرامج تم إلغاؤها مؤخرًا.
مناخ الخوف والرقابة الذاتية
أكد عدد من الأكاديميين ورواد الأعمال أن مناخ السياسات الحالية يجعلهم أكثر حذرًا في التعبير عن آرائهم. أحد أساتذة الهندسة قال: “يجب أن نكون حذرين جدًا في التعبير عن آرائنا الشخصية لأنها قد تؤثر على الجامعة بأكملها في حال وجود رد فعل انتقامي.” كما أضاف رائد أعمال في مجال الطاقة النظيفة: “لا أريد أن أكون هدفًا، أنا فقط أحاول ألا أتعرض لغرامات من وكالة حماية البيئة.”
أزمة الهجرة واستنزاف العقول
تشكل سياسات الهجرة أحد أكبر مصادر القلق، حيث وصف بعض الباحثين الوضع بأنه “اضطهاد واسع للمهاجرين”. فقد ألغت الإدارة نحو 6,000 تأشيرة طلابية دولية، وهددت بشكل خاص الطلاب الصينيين. كما سعت وزارة العدل إلى سحب الجنسية أو إلغاء بطاقات الإقامة الدائمة في بعض الحالات، ما أدى إلى خلق مناخ خوف واسع بين الأكاديميين الأجانب. بعض العلماء ذكروا أن هذا الجو العدائي قد يتسبب في هجرة عقول جماعية من الولايات المتحدة. فقد أشار باحث في الذكاء الاصطناعي من جامعة عامة كبرى في الساحل الغربي إلى أن “الموقف العدائي ضد المهاجرين، خاصة من الدول الحساسة سياسيًا، يؤدي إلى استنزاف العقول.”
قيود إضافية على التعاون الدولي
إلى جانب السياسات الفيدرالية، تفرض بعض الولايات مثل تكساس و فلوريدا قيودًا على التعاون مع العلماء من دول مثل الصين، مما يحد من مشاركة النتائج العلمية أو حضور المؤتمرات الدولية. وأوضح أحد الأكاديميين من تكساس: “لا يمكننا التعاون في هذه المرحلة بسبب كثرة القيود، ولا يمكننا تبادل النتائج أو زيارة مؤسسات أخرى أو حتى إلقاء محاضرات.”
زيادة الاهتمام بالعمل خارج الولايات المتحدة
هذه السياسات دفعت العديد من الباحثين ورجال الأعمال للنظر إلى فرص العمل في أوروبا وآسيا. فقد ذكر أحد رواد الأعمال أن شركته تتلقى الآن عددًا أكبر من طلبات التوظيف من مرشحين أمريكيين لشواغرها الأوروبية، رغم أن الرواتب هناك أقل مقارنة بالولايات المتحدة.
الخلاصة
تعكس هذه التطورات مخاوف متزايدة من أن تؤدي السياسات المقيدة للبحث العلمي والهجرة في الولايات المتحدة إلى إضعاف القدرة التنافسية للبلاد، وزيادة نزيف الكفاءات إلى الخارج. وبينما تسعى الإدارة لتشديد السيطرة على مخرجات الذكاء الاصطناعي والحد من برامج التنوع، يزداد القلق بين العلماء من أن يفقدوا بيئة البحث الحر التي طالما ميزت الجامعات الأمريكية