لغز النقاط الحمراء الصغيرة: فرضية المجرات بطيئة الدوران أم نجوم الثقوب السوداء؟
تلسكوب جيمس ويب يرصد لغز النقاط الحمراء الصغيرة في الكون المبكر

عندما بدأ تلسكوب جيمس ويب الفضائي عمله في عام 2022، اكتشف ظاهرة لم يرها علماء الفلك من قبل: “النقاط الحمراء الصغيرة” الموزعة عبر أعماق الفضاء السحيق، والتي تعود إلى زمن لم يتجاوز فيه عمر الكون مليار سنة فقط.
منذ ذلك الحين، حاول العلماء تفسير هذه الإشارات الغامضة. النظرية السائدة تفترض أنها مجرات صغيرة جدًا، لكن حجمها لا يتعدى 2% من حجم مجرة درب التبانة، ما يعني أن كثافة النجوم فيها ستكون غير منطقية، بل ربما مستحيلة وفقًا لقوانين الفيزياء الحالية.
أما احتمال كونها كوازارات (ثقوب سوداء فائقة الكتلة تبتلع المادة وتصدر ضوءًا هائلًا) فهو ضعيف؛ لأنها باهتة للغاية ولا تتفق مع خصائص هذا النوع من الأجرام.
فرضية المجرات بطيئة الدوران
الفلكي الشهير آفي لوب وزميله فابيو باكوتشي قدما تفسيرًا جديدًا في دراسة نُشرت بمجلة Astrophysical Journal Letters.
بحسب فرضيتهما، فإن هذه النقاط ليست سوى مجرات حديثة النشأة لم تبدأ بعد بالدوران السريع.
النظرية تستند إلى فكرة أن المجرات تتشكل داخل هالات المادة المظلمة، وهي المادة غير المرئية التي تشكل 85% من كتلة الكون. يقترح الباحثان أن هذه المجرات نشأت داخل هالات تدور ببطء شديد، بحيث أن 99% من الهالات الأخرى تدور أسرع منها.
للتوضيح: إذا أمسكت بحبل وبدأت بالدوران بسرعة، سيمتد الحبل بعيدًا. أما إذا تباطأت، فسوف يسقط الحبل للأسفل. الأمر نفسه يحدث مع المجرات داخل هالات المادة المظلمة.
مع مرور الوقت، يُتوقع أن تزيد سرعة دوران هذه الهالات، فتكبر المجرات وتتمدّد.
فرضية “نجوم الثقوب السوداء”
لكن هناك نظرية أخرى منافسة ظهرت مؤخرًا. تشير بعض الدراسات إلى أن ما نرصده قد يكون فئة جديدة من الأجرام الكونية تُعرف باسم نجوم الثقوب السوداء.
في هذه الحالة، تكون النقاط عبارة عن ثقب أسود فائق الكتلة محاط بغلاف ضخم من الغاز. يشع الثقب الأسود طاقة هائلة تسخّن هذا الغلاف، فيمتص معظم الإشعاع ويجعل الجسم يبدو باهتًا للراصد الخارجي، وكأنه نجم هائل الحجم لكنه مدفوع بجاذبية ثقب أسود بدلاً من الاندماج النووي.
أهمية الاكتشاف
فرضية لوب وباكوتشي لا تستبعد وجود ثقب أسود في هذه المجرات الصغيرة، بل تشير إلى أن الهالات البطيئة الدوران تساعد على تركيز الكتلة في المركز، ما يسهل ولادة الثقوب السوداء وتكوّن النجوم بسرعة.
وهذا يعني أن النقاط الحمراء الصغيرة قد تكون مفتاحًا لفهم كيفية نشوء أول الثقوب السوداء وتطورها مع المجرات في بدايات الكون.