ما تكشفه تجارب الحمام عن الذكاء الاصطناعي والتعلم بالارتباط
الحمام، الذكاء الاصطناعي، وحدود التعلم بالارتباط

قدّم عالم النفس روبرت ريسكورلا في السبعينيات والثمانينيات رؤية جديدة للتعلم، اعتبر فيها أن الارتباط ليس مجرد عملية آلية منخفضة المستوى، بل هو وسيلة أساسية للكائن الحي لتمثيل بنية العالم من حوله.
هذا يظهر حتى في أبسط التجارب المخبرية؛ فالحمام الذي يتعلم النقر على أزرار للحصول على مكافأة لا يحفظ السلوك فقط، بل يدرك العلاقة بين الدلو، القفص، والمختبر، ما يعكس فهمًا أعمق لبنية بيئته.
ما يكشفه الحمام عن “الوعي”
لطالما تساءل علماء النفس المقارن: كيف ننسب الوعي للكائنات الحية الأخرى؟
-
أظهرت تجارب أن الحمام يمكنه التمييز بين حالاته الداخلية عند إعطائه أدوية مختلفة، فيميز بين المنشطات والمهدئات مقابل مكافآت.
-
نجاح الحمام في هذه المهام يشير إلى قدرته على الإحساس بحالاته الداخلية، وهو ما يقترب من مفهوم “التأمل الذاتي”.
هذا ما يميز الكائن الحي عن الذكاء الاصطناعي: الحمام قادر على الشعور بالألم والمعاناة، بينما أنظمة الذكاء الاصطناعي – مهما بدت مقنعة – لا تشعر بشيء.
تقاطع الذكاء الاصطناعي مع علم النفس المقارن
تجارب إد واسرمان أظهرت أن الحمام قادر على اكتشاف الأورام والأمراض القلبية في صور طبية بدقة تضاهي الأطباء. هذه النتائج تلقي الضوء على أهمية البحث في الإدراك الحيواني، خصوصًا مع ازدياد التساؤلات حول الوعي الاصطناعي.
فكما أشار فلاسفة العلوم في مقال عام 2023:
“إذا أردنا الإجابة عن أسئلة الوعي الاصطناعي، علينا أن نستثمر بالقدر نفسه في أبحاث الإدراك الحيواني.”
التعلم بالخبرة مقابل التعلم بالقواعد
بينما يُنظر إلى التعلم القائم على القواعد باعتباره ذروة الذكاء البشري، إلا أن كثيرًا من مهامنا اليومية – مثل تصنيف الألوان أو تذوق النبيذ – تعتمد على التجربة والارتباط لا على القواعد الصارمة.
هذا يكشف مفارقة: أكثر أشكال الذكاء البشري تعقيدًا قد يعتمد على آليات بدائية مشتركة مع الحمام والنحل والأسماك.
الحمام في المختبر ليس مجرد موضوع تجربة، بل نافذة على كيفية عمل أدمغتنا. ومن خلال فهم التعلم بالارتباط لدى الحيوانات، يمكننا إعادة النظر في قدراتنا، وفي حدود ما يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي مقارنة بالكائنات الحية.