هل يمكن لتقنية الذكاء الاصطناعي توقع معدل ذكاء الأطفال؟ جدل جديد حول شركة Herasight الناشئة

شهد القرن الحادي والعشرون تطور الشركات الناشئة من نموذج تجاري محدود إلى ظاهرة اقتصادية ضخمة تقدر بتريليونات الدولارات. ففي الفترة ما بين 2021 و2023، ولّدت الشركات الناشئة ما يُقدّر بـ7.6 تريليون دولار من القيمة السوقية على مستوى العالم. ورغم التقلبات الاقتصادية بين عامي 2019 و2023، إلا أن عدد الشركات الناشئة في الولايات المتحدة ارتفع بنسبة 16%.
لكن هذا النجاح لا يخلو من المخاطر؛ إذ تشير التقديرات إلى أن أكثر من ثلثي الشركات الناشئة تفشل في تحقيق عوائد إيجابية للمستثمرين، والكثير منها يفشل حتى قبل تحقيق أي عائد على الإطلاق.
هذا المعدل العالي للفشل يدفع روّاد الأعمال إلى تجربة أفكار مختلفة دون خوف من الفشل. ومن بين المشاريع الغريبة مؤخرًا: تطبيق لتأجير “البلطجية”، وساعة منبّه مدفوعة الأجر، وكاميرا مدعومة بالذكاء الاصطناعي تحلل الفضلات.
Herasight: عندما يلتقي الجينوم بالذكاء الاصطناعي
تنضم شركة Herasight إلى هذه القائمة كأحدث شركة ناشئة في مجال “الوراثة”، وهي مشروع كان سيجعل عالم تحسين النسل الشهير تشارلز دافنبورت يحمر خجلًا.
تم إطلاق Herasight من قبل العالِمَين توبياس ولفرام وأليكس سترادويك يونغ، بعد فترة “التخفي” التي تتيح للشركات الناشئة تطوير منتجاتها بسرية. وصف يونغ الشركة بأنها منصة إخصاب صناعي (IVF) قادرة على التنبؤ بإمكانية تطور 17 مرضًا مختلفًا لدى الأجنة.
وفي منشور على منصة X (تويتر سابقًا)، ذكر يونغ أن الشركة قد قامت بالفعل بفحص “مئات الأجنة”، وأرفق منشوره بصورة من أداة تفاعلية طورتها الشركة، والتي شملت خاصية مثيرة للجدل: توقع معدل الذكاء (IQ) للجنين.
الأداة المثيرة للجدل: هل يمكن فعلاً توقع معدل الذكاء؟
لاستخدام الأداة لتوقع معدل الذكاء، يقوم المستخدم بما يلي:
ثم يبدأ الخوارزم في العمل لتقديم “توقعاته”.
ورغم أن فحص الأجنة للصفات الوراثية مثل معدل الذكاء قانوني تقنيًا في الولايات المتحدة، إلا أنه محظور في دول أخرى مثل المملكة المتحدة. ويشير العديد من العلماء إلى غياب الأدلة العلمية التي تُثبت إمكانية التنبؤ الدقيق بصفات مثل الطول أو الذكاء.
لكن منذ متى كانت الأبحاث الغامضة تُعيق نمو الشركات الناشئة؟
كتب يونغ متفاخرًا على منصة X:
“اليوم نخرج من التخفي بورقة علمية تُثبت أن أدواتنا لتنبؤ الأمراض تتفوق على المنافسين، مع أداء محسّن لدى غير الأوروبيين.”
أما ولفرام، فقد اكتفى بإعادة نشر المقالات الإيجابية دون تعليق مباشر.
تحسين النسل بصيغة جديدة؟
أصدرت Herasight ورقة بحثية أوضحت فيها كيف يختلف عملهم عن مشاريع تحسين النسل الأخرى مثل منصة Nucleus Genomics أو شركة Orchid، والتي يُقال إن الملياردير إيلون ماسك استخدمها لإنجاب أحد أطفاله.
لكن الورقة البحثية كشفت في جوهرها محاولة لإعادة تغليف موضوع انتقائي مثير للجدل. إذ يعترف الكتّاب شكليًا بـ”الاعتبارات الأخلاقية”، مثل احتمالية أن يؤدي الفحص الجيني إلى توسيع الفجوة الطبقية في المجتمع.
تقول الورقة:
“رغم هذه التحفظات المنهجية، تظل التقييمات الشاملة لتقنيات فحص الأمراض نادرة. ولا توجد أي منها تستخدم نهج التحقق داخل الأسرة لفصل التأثيرات الجينية المباشرة عن العوامل السكانية المشتركة. لذلك قمنا بتصميم 17 أداة للفحص… وقيّمنا بدقة أداءها التنبؤي ضمن مستويات سكانية ومن داخل الأسرة.”
بمعنى آخر: قد لا توجد أدلة علمية كافية تدعم فكرة التلاعب الوراثي للصفات البشرية مثل الذكاء، وقد تبدو الفكرة مشابهة تمامًا لـتحسين النسل، لكن الشركة تدّعي أنها “تأخذ الأمور بجدية” أكثر من منافسيها.
المستقبل الغامض للتكاثر البشري
رغم أن مؤسسي Herasight أبدوا بعض الحذر في مناقشة التحديات التقنية المرتبطة بالفحص الوراثي، إلا أنهم لم يتناولوا الأساس اليوجيني (تحسين النسل) الصريح الذي تقوم عليه فكرتهم، وهو أمر بالغ الأهمية عند الحديث عن مستقبل الإنجاب البشري.