تقنيات المستقبل

مشروع الهيدروجين الأخضر في ناميبيا يثير جدلاً واسعًا بين الموروث التاريخي والتحديات البيئية

لم تكن الانتقادات لموقع المشروع مقتصرة على نشطاء البيئة فقط، بل جاءت أيضًا من قادة قبائل ناما وهيريرو، الذين يرون في توسيع الميناء الخاص بتصدير الأمونيا انتهاكًا لتراث ضحايا الإبادة الجماعية التي وقعت بين عامي 1904 و1908 على يد الجنود الألمان، والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف. التقرير الذي صدر عام 2024 عن قيادات هذه الجماعات اعتبر أن بناء البنية التحتية الجديدة بمثابة “تدنيس” لذاكرة المكان.

ما يزيد من حساسية القضية أن الشركة المالكة للمشروع، “Hyphen”، تمتلكها بشكل أساسي شركة “Enertrag”، وهي شركة طاقة متجددة ألمانية، ما يثير تساؤلات إضافية عن البعد الاستعماري للمشروع.

تحديات بيئية وهيكلية تعرقل طموحات ناميبيا

رغم أن مناخ ناميبيا الصحراوي يجعلها مناسبة لتوليد الطاقة المتجددة، إلا أن هناك نقصًا حادًا في المياه، وهو عامل أساسي لإنتاج الهيدروجين الأخضر. حاليًا، تعتمد المنطقة الساحلية المركزية التي تضم مشروعي HyIron وCMB.Tech على محطة تحلية مياه البحر، والتي لا تعمل بالكامل بالطاقة المتجددة. رغم وجود خطط لإنشاء منشآت تحلية إضافية، إلا أن هناك مخاوف من أن تواجه المشاريع اختناقات مائية.

اقتباس من ويليام ميني – حركة الشعب بلا أرض:

“إذا كنتم تريدون تنفيذ مشاريع الهيدروجين الأخضر هنا، فعليكم أولاً حل مشاكلنا المنزلية.”

واقع السوق العالمي للهيدروجين الأخضر

المحلل “مارتن تينغلر” من BloombergNEF، يرى أن سوق الهيدروجين مرّ من مرحلة “الضجة” إلى “خيبة الأمل”. وبدون حوافز، قد لا يصل الهيدروجين الأخضر أبدًا إلى مستوى التكلفة نفسه للهيدروجين الرمادي. لكنه يشير إلى أن بعض الصناعات، مثل صناعة السيارات الراقية، قد تكون مستعدة لدفع علاوة سعرية مقابل الحديد الأخضر (Green Iron).

شركة Benteler الألمانية، المتخصصة في تصنيع المعادن لصناعة السيارات، التزمت بالفعل بشراء كميات تجريبية من الحديد الأخضر من HyIron.

مستقبل غامض للأمونيا الخضراء

رغم أن خارطة طريق الوكالة الدولية للطاقة IEA تتوقع أن تشكل الأمونيا الخضراء 44% من وقود الشحن العالمي بحلول منتصف القرن، إلا أن تكلفتها ستبقى أعلى من أنواع الوقود التقليدية، بل وحتى البدائل الكربونية مثل الميثانول والغاز الطبيعي المسال.

مخاوف محلية من جدوى مشروع Hyphen

حتى الآن، لم توقّع Hyphen أي اتفاقيات ملزمة مع عملاء فعليين. ولكي تزيد الحكومة من جاذبية المشروع، استحوذت على 24% من أسهم الشركة، بتمويل أولي بلغ 24 مليون يورو، مصدره منحة هولندية.

لكن تكلفة البناء ستُموّل عبر القروض، مما يعرض دافعي الضرائب للمخاطر المالية.

رأي ديتلوف فون أورتزن – مستشار طاقة:

“لدينا عجز ضخم في الميزانية… لا ينبغي لنا ربط مواردنا بمشاريع قد لا تؤدي إلى أي نتيجة.”

يرى كثير من المواطنين أن أهداف الحكومة في ما يخص إنتاج الهيدروجين وتوفير الوظائف مبالغ فيها. ومع ذلك، يعتقد البعض أن القطاع يمكن أن يساهم في التنمية الوطنية، خصوصًا إذا تم تنفيذ محطة تحلية المياه التي تخطط Hyphen لإنشائها، والتي قد تساعد في حل أزمة المياه في جنوب البلاد وجذب مزيد من السكان والصناعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى