في مارس الماضي، وصلت وحدة Network in a Box (NIB) من شركة Nokia إلى سطح القمر على متن مركبة الهبوط القمرية Athena التابعة لشركة Intuitive Machines. وفي منطقة مرتفعة تُعرف باسم Mons Mouton، تم تشغيل النظام الخلوي 4G/LTE، بحجم صغير لا يتجاوز علبة بيتزا، وظل فعالًا لمدة 25 دقيقة، حيث أرسل واستقبل بيانات تشغيلية إلى مركز تحكم Nokia على الأرض على بُعد يقارب 400 ألف كيلومتر.
قال الدكتور تييري كلاين، رئيس أبحاث حلول Bell Labs في Nokia:
“لقد حققنا أهدافًا رئيسية، لقد بنينا شبكة نجت من الإطلاق والهبوط، ونجحت في الوصول إلى القمر. لقد أخذنا تقنيات تجارية وطورناها لتتحمل ضغوط الإطلاق الفضائي، عبور أحزمة فان آلن الإشعاعية ثم الهبوط على السطح. وتمكّنا من تشغيل النظام، وإرسال الأوامر، واستقبال بيانات التتبع. نحن نعلم الآن أن شبكتنا كانت تعمل بكامل طاقتها وجاهزة لإنشاء الاتصالات”.
ورغم أن عطلًا في أجهزة الاستشعار حال دون إجراء مكالمة خلوية مخطط لها بين الوحدة والروبوتات المصاحبة، إلا أن المهمة مثلت خطوة هندسية كبيرة في رفع جاهزية تقنيات الاتصال الخلوي للفضاء، واعتُبرت بمثابة تتويج لسنوات من الجهد البحثي.
أهمية شبكة القمر لاقتصاد الفضاء
من المتوقع أن يصل حجم اقتصاد الفضاء العالمي إلى 1.8 تريليون دولار بحلول 2035. وسيكون للقمر نصيب مهم من هذا النمو، مع أنشطة تتضمن إقامة مساكن دائمة لرواد الفضاء، أساطيل من المركبات الروبوتية، مشاريع بحثية، تصنيع مواد متقدمة، التعدين وحفر الموارد، بل وحتى إنشاء خطوط نقل للطاقة والمعادن. كل هذه الأنشطة لن تكون ممكنة دون شبكة اتصالات خلوية متطورة قادرة على الصمود في بيئة الفضاء.
حتى الآن، كان الاعتماد على أنظمة الراديو التقليدية مثل S-Band الذي استخدمه نيل أرمسترونغ وباز ألدرين عام 1969 للتواصل مع الأرض. لكن هذه الأنظمة محدودة النطاق والقدرة، ولن تكون قادرة على تلبية احتياجات عشرات الأجهزة المتصلة التي ستنتشر على سطح القمر مستقبلاً.
لماذا الشبكة الخلوية؟
يوضح الدكتور كلاين أن وجود شبكة خلوية متقدمة يتيح:
-
دعم تنسيق العمل بين الأنظمة الروبوتية والذاتية في الحفر والتعدين والزراعة.
-
تمكين المراقبة اللحظية لبيانات حيوية (Biometric Data) لرواد الفضاء وضمان سلامتهم.
-
إرسال بيانات وصور عالية الدقة في الزمن الحقيقي لدعم مراكز التحكم على الأرض.
-
تعزيز الاستكشاف العلمي وتوجيه العمليات عن بُعد.
ويضيف كلاين:
“كل ما نطمح لتحقيقه، بدءًا من الاستكشاف العلمي وصولًا إلى بناء وجود دائم واقتصاد قمري نشط، يتطلب بنية اتصالات متقدمة تشمل الصوت والفيديو والبيانات والقياسات الحيوية والبيانات العلمية”.
بهذا الإنجاز، أرست Nokia حجر الأساس لشبكات اتصالات فضائية قادرة على دعم النشاط البشري والاقتصادي على القمر، مما يمهد الطريق لحقبة جديدة من الاتصال في الفضاء.
