تقنيات المستقبل

X-37B تختبر الملاحة الكمية كبديل ثوري لنظام GPS في الفضاء

انطلقت الطائرة الفضائية العسكرية الأمريكية X-37B في رحلتها الثامنة إلى الفضاء يوم الخميس، حاملةً معها مجموعة من التجارب المتقدمة. ومن أبرز هذه التجارب اختبار بديل محتمل لنظام GPS يعتمد على العلوم الكمية: مستشعر الملاحة الكمي.

رغم أن أنظمة GPS أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، من الهواتف الذكية إلى الطيران والخدمات اللوجستية، إلا أنها ليست متاحة دائمًا. في الفضاء خارج مدار الأرض، أو تحت الماء حيث تعمل الغواصات، وحتى على الأرض في حالات التشويش أو التلاعب بالإشارات أثناء النزاعات، تصبح الملاحة دون GPS تحديًا حاسمًا.

قيود الأنظمة التقليدية

تعتمد أنظمة الملاحة بالقصور الذاتي (INS) التقليدية على مقاييس التسارع والجيروسكوبات لحساب الحركة وتقدير الموقع. لكنها مع مرور الوقت تعاني من تراكم الأخطاء التدريجية التي تجعلها تنحرف عن المسار وتحتاج لتصحيح عبر إشارات GPS.

كيف تساعد الفيزياء الكمية؟

في درجات حرارة قريبة من الصفر المطلق، تبدأ الذرات بالتصرف كموجات وفق ميكانيكا الكم. يمكن وضع الذرة في حالة “تراكب كمومي”، أي أنها تسلك مسارين في الوقت نفسه. وعند دمج المسارين باستخدام تقنية تسمى التداخل الذري (Atom Interferometry)، تنتج أنماط موجية دقيقة تحمل معلومات غنية عن تأثيرات الحركة والدوران على الذرات.

هذه القدرة تجعل مستشعرات الملاحة الكمية أكثر حساسية بمراحل من الأنظمة التقليدية، وأقل عرضة للانحراف، مما يسمح بتحقيق ملاحة دقيقة وطويلة المدى دون الحاجة لأي إشارات خارجية.

اختبار عملي في الفضاء

ستكون مهمة X-37B أول مرة يتم فيها اختبار الملاحة الكمية بهذا المستوى كأداة عملية للملاحة في الفضاء. ورغم أن تجارب سابقة مثل مختبر الذرات الباردة التابع لناسا أو تجربة MAIUS-1 الألمانية أثبتت نجاح الفيزياء الكمية في المدار، فإنها لم تُستخدم خصيصًا لأغراض الملاحة. ما يميز تجربة X-37B أنها تطور وحدة ملاحة مضغوطة وفعالة للاستخدام في مهمات طويلة الأمد.

الأهمية العسكرية والمدنية

تمثل هذه التقنية خطوة استراتيجية للقوات الفضائية الأمريكية، حيث توفر نظام ملاحة موثوقًا حتى في حالات انقطاع GPS. كما أنها قد تكون حاسمة لرحلات استكشاف القمر والمريخ والفضاء السحيق، حيث لا يمكن الاعتماد على إشارات الأرض.

الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين والمملكة المتحدة تستثمر بكثافة في هذه التكنولوجيا، مع تجارب ناجحة على الطائرات والغواصات. ففي عام 2024، نجحت شركتا Boeing وAOSense في أول اختبار ملاحة كمي على متن طائرة مأهولة لمدة 4 ساعات دون GPS، بينما أعلنت المملكة المتحدة عن أول رحلة تجريبية مشابهة على طائرة تجارية.

نحو قفزة كمية في الملاحة

إذا نجحت تجربة X-37B، فقد تُسجَّل كنقطة تحول في تاريخ الملاحة الفضائية، حيث تنتقل تقنية التداخل الذري من نطاق التجارب العلمية إلى تطبيق عملي ثوري يمكن أن يغيّر كيفية تحرك المركبات في الفضاء والجو والبحر دون الحاجة إلى GPS.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى