تأجيلات وإلغاءات واسعة في سوق السيارات الكهربائية بعد انتهاء الحوافز الأمريكية

يواجه قطاع السيارات الكهربائية (EV) مرحلة من الاضطراب، حيث تعيد الشركات المصنّعة حول العالم تقييم استراتيجياتها في ضوء تغيّر السياسات وتباطؤ السوق الأمريكي. وبينما لا تزال مبيعات السيارات الكهربائية تسجّل نموًا عالميًا، فإن موجة من التأجيلات والإلغاءات تعيد تشكيل مستقبل العديد من الطرازات المنتظرة.
انتهاء الحافز الأمريكي يغيّر قواعد اللعبة
شهد السوق الأمريكي نقطة تحوّل مهمة مع إقرار الرئيس دونالد ترامب ميزانية “Big, Beautiful” بقيمة 3.4 تريليون دولار، والتي تضمنت إنهاء مفاجئًا للحافز الفيدرالي للسيارات الكهربائية بقيمة 7,500 دولار، المقرر انتهاؤه نهاية سبتمبر.
هذا الائتمان الضريبي كان ركيزة أساسية في جعل السيارات الكهربائية في متناول المستهلك الأمريكي. كما شملت الميزانية أيضًا إلغاء معايير الانبعاثات الأكثر صرامة، ما دفع شركات السيارات إلى إعادة النظر في خطط المنتجات والتسعير.
مخاوف من تراجع الطلب
تسارع الوكلاء الآن إلى تصريف المخزون قبل زوال الحافز، لكن المخاوف من انخفاض حاد في الطلب باتت تسيطر على الصناعة. نتيجةً لذلك، قامت عدة شركات بتأجيل أو إلغاء مشاريع سيارات كهربائية جديدة بينما تترقّب توجهات السوق القادمة.
ردود أفعال الشركات الكبرى
Nissan: تقليص الطموحات
رغم كونها من رواد السيارات الكهربائية، قامت نيسان بتقليص إنتاج الجيل الجديد من Leaf، وهو عنصر أساسي في خطة تعافي الشركة، بسبب نقص المعادن النادرة واقتراب انتهاء الحوافز الأمريكية.
كما تم تأجيل إنتاج SUV كهربائيين جديدين في مصنع الشركة بولاية ميسيسيبي لمدة عام تقريبًا، وأرجعت الشركة القرار إلى تباطؤ الطلب ومناخ السياسة غير المستقر في الولايات المتحدة.
Ford: العودة إلى الهجينة
قامت فورد بإلغاء خطتها لإطلاق سيارة كهربائية بثلاثة صفوف من المقاعد، وهو مشروع كان قد تأخر مسبقًا. وبدلاً من ذلك، تركز الشركة الآن على تطوير سيارات هجينة وجيل جديد من الشاحنات الكهربائية، مبتعدة عن استراتيجيتها السابقة المعتمدة على الاستثمار المكثف في EVs.
هذه الخطوة قد تؤدي إلى خسائر محاسبية تصل إلى 1.9 مليار دولار، وتعكس توجهًا أوسع في الصناعة نحو التركيز على الهجينة والمركبات التقليدية على المدى القصير.
Honda: إعادة تقييم استراتيجية EV
أوقفت هوندا تطوير SUV كهربائية كبيرة كان من المقرر إطلاقها في عام 2027. ويأتي هذا القرار بعد إنهاء مشروع مشترك سابق مع جنرال موتورز. ورغم أن الشركة لا تزال تخطط لإطلاق سلسلة Honda 0 في أمريكا العام القادم، فقد قلّصت استثماراتها في EV حتى نهاية العقد.
العلامات الفاخرة: الحذر أولًا
أجلت لامبورغيني إطلاق أول سيارة كهربائية بالكامل حتى عام 2029، مبررة القرار بعدم جاهزية السوق عالي الأداء. وبدلاً من ذلك، ستركز على الطرازات الهجينة في المستقبل القريب.
أما فيراري، فتستعد لإطلاق أول سيارة كهربائية لها في وقت لاحق من هذا العام، لكنها لم تعلن عن جدول زمني لطراز ثانٍ، وسط تخوّف من انخفاض الطلب على السيارات الكهربائية الفاخرة مرتفعة الثمن.
الشركات الناشئة والاقتصادية تواجه ضغوطًا
-
Rivian، المدعومة مؤخرًا من Volkswagen، لا تزال ملتزمة بإطلاق SUV R2 في عام 2026، لكن التفاصيل حول الطراز الأرخص R3 ما تزال نادرة.
-
شركة Slate Auto، التي وعدت بشاحنة كهربائية تحت سعر 20,000 دولار، اضطرت إلى رفع السعر إلى 25,000 دولار تقريبًا بعد إلغاء الحافز الضريبي.
Volkswagen تحقق نموًا عالميًا… باستثناء أمريكا
رغم ارتفاع مبيعات فولكس فاجن الكهربائية بنسبة 50٪ عالميًا في النصف الأول من عام 2025، فإنها تواجه صعوبات في السوق الأمريكي، خصوصًا مع فشل طراز ID.Buzz في تحقيق النجاح المنتظر. ويظل مصير الطرازات الأرخص مثل ID.EVERY1 و ID.2all في أمريكا غير مؤكد.
حتى تسلا تعاني
تشهد تسلا، الرائدة في سوق EV، انخفاضًا في المبيعات للعام الثاني على التوالي، ولم تُعلن حتى الآن عن موعد إطلاق طرازها المنتظر ذو السعر الاقتصادي، والذي يُعتقد أنه نسخة أرخص من Model Y.
الصين تتقدم بثبات
في المقابل، يواصل سوق السيارات الكهربائية في الصين النمو السريع، إذ باتت تمثل قرابة ثلثي المبيعات العالمية، أي أكثر بـ7 مرات من حصة الولايات المتحدة. ويتوقع المحللون اتساع هذه الفجوة خلال السنوات المقبلة.
رغم موجة التأجيلات والإلغاءات، يتفق الخبراء على أن السيارات الكهربائية لن تختفي. لا يزال العديد من المستخدمين متمسكين بها، والتقنيات تواصل التقدّم. ومع ذلك، فإن وتيرة التبني في الولايات المتحدة ستتراجع حتمًا في ظل غياب الحوافز وتوجه الشركات نحو استراتيجية أكثر تحفظًا.