اختراق IBM في تصحيح أخطاء الحوسبة الكمّية يمهّد الطريق لكمبيوتر Starling بحلول 2029

كشفت شركة IBM عن بنية جديدة للحوسبة الكمّية، من شأنها تقليل عدد الكيوبتات اللازمة لتصحيح الأخطاء بشكل كبير. ويُعدّ هذا التقدّم خطوة رئيسية في مساعيها لبناء كمبيوتر كمّي واسع النطاق ومتين يُدعى Starling، والذي من المخطط أن يكون متاحًا للعملاء بحلول عام 2029.
ونظرًا لعدم استقرار الكيوبتات (المكافئ الكمومي للبتات) التي تتكون منها الحواسيب الكمّية، فإن تقنيات تصحيح الأخطاء تُعتبر ضرورية لتوفير أجهزة موثوقة وكبيرة الحجم. تقوم هذه الأساليب بتوزيع كل وحدة معلومات على عدة كيوبتات مادية لتكوين ما يُعرف بالـ كيوبتات المنطقية، مما يوفر نوعًا من التكرار لمقاومة الأخطاء الفردية.
واحدة من أكثر الطرق استخدامًا تُعرف باسم كود السطح (Surface Code)، والتي تتطلب ما يقارب 1000 كيوبت مادي لتكوين كيوبت منطقي واحد. ورغم أن IBM اعتمدت هذه الطريقة في البداية، إلا أن تطوير البنية اللازمة لدعمها ثبت أنه “حلم هندسي بعيد المنال”، وفقًا لما قاله جاي غامبيتا، نائب رئيس IBM Quantum، في مؤتمر صحفي.
شاهد ايضا :-
- أنوبيس: سلالة فدية جديدة تمزج بين التشفير والمسح الكامل للبيانات
- منشأة Premier Innovation Hub: منصة لصناعة الروبوتات والتقنيات في بنسلفانيا
- نظام iPadOS 26: هل يصبح الآيباد بديلاً فعليًا للماك؟
تحول نحو منهجية جديدة في تصحيح الأخطاء
في عام 2019، بدأت الشركة بالبحث عن بدائل. ونشرت في ورقة علمية بمجلة Nature العام الماضي أسلوبًا جديدًا لتصحيح الأخطاء يُعرف باسم qLDPC (رموز الفحص التوافقي منخفض الكثافة الكمّية)، والتي تتطلب عددًا أقل من الكيوبتات بما يعادل عُشر ما تحتاجه أكواد السطح. والآن، أعلنت الشركة عن معمارية جديدة للحوسبة الكمّية تُمكّن من تطبيق هذه المنهجية.
“لقد فككنا شيفرة تصحيح الأخطاء الكمّية، وخطتنا الآن هي بناء أول كمبيوتر كمّي متين واسع النطاق”، صرّح بذلك غامبيتا، وهو أيضًا زميل IBM. “لقد أصبح الأمر الآن مسألة هندسة وليس علمًا بحتًا”.
خارطة الطريق: من Loon إلى Blue Jay
تخطط IBM لخطوتها الأولى هذا العام من خلال معالج يُدعى Loon، يحتوي على موصلات قادرة على ربط كيوبتات بعيدة داخل نفس الرقاقة، وهو أمر أساسي لتطبيق qLDPC. وتُعرف هذه الاتصالات بـ الاتصالات غير المحلية، والتي تجعل هذا النهج أكثر كفاءة مقارنة بكود السطح الذي يقتصر على التفاعل بين الكيوبتات المجاورة.
في عام 2026، تعتزم الشركة إطلاق معالج Kookaburra، الذي سيجمع بين وحدة معالجة منطقية وذاكرة كمومية، مما يمثل أول نموذج أساسي للأجهزة المستقبلية. ثم في 2027، سيتم ربط وحدتين من هذه المعالجات لتشكيل جهاز يُدعى Cockatoo.
ورغم أن الشركة لم تفصح عن عدد الوحدات التي سيتكوّن منها الكمبيوتر النهائي Starling، إلا أنه سيحتوي على 200 كيوبت منطقي وقادر على تنفيذ 100 مليون عملية كمومية. وأوضح ماتياس ستيفن، زميل IBM، أن النظام قد يتطلب بضع مئات من الكيوبتات المادية لإنتاج 10 كيوبتات منطقية باستخدام المعمارية الجديدة.
تخطط IBM لإنهاء بناء Starling بحلول 2028، وتقديمه للعملاء عبر السحابة في 2029. سيتم استضافته في مركز بيانات كمومي جديد في بوكيبسي، نيويورك، ليكون مقدمة للجهاز النهائي في خارطة الطريق: كمبيوتر يحمل الاسم الرمزي Blue Jay بسعة 2000 كيوبت منطقي.
تحديات هندسية واستراتيجيات الحل
وصف مارك هورفاث، محلل نائب رئيس في شركة Gartner، المعمارية الجديدة بأنها تقدم كبير مقارنة بالتكنولوجيا السابقة، وأشار إلى أن الاتصالات المحسّنة داخل الرقاقة تجعل النظام أقوى بكثير، مدعومًا بتطورات في التصنيع ثلاثي الأبعاد.
إلا أن هورفاث نبّه إلى أن المنهجية المعتمدة على النماذج القابلة للتوسعة قد تكون صعبة التطبيق. وقال:
“إنها مهمة معقدة للغاية. أعتقد أنها ستنجح في نهاية المطاف، لكنها أبعد مما يظنه البعض.”
من أكبر العقبات المتبقية هو تحسين دقة البوابات الكمّية (Gate Fidelities) عبر النظام. أقرّ ستيفن بأن معدلات الخطأ يجب أن تنخفض بمقدار عشري لتطبيق هذه المعمارية بنجاح، مؤكدًا أن هذا الهدف قابل للتحقيق من خلال تحسين زمن الاتساق (Coherence Times) للكيوبتات، وهو الزمن الذي تحتفظ فيه الكيوبتات بحالتها الكمومية.
أشارت نتائج الاختبارات إلى أن متوسط زمن الاتساق وصل إلى 2 ميلي ثانية في بعض الأجهزة التجريبية، لكن تطبيق ذلك على شرائح أكبر ليس بالأمر السهل. ومع ذلك، سجلت شرائح Heron مؤخرًا تحسنًا من حوالي 150 إلى 250 ميكروثانية.
ميزة تقليل عدد المكونات
أشار ستيفن أيضًا إلى أن البنية الجديدة تتطلب مكونات أقل بشكل كبير نظرًا للعدد المخفّض من الكيوبتات المادية، ما يؤدي إلى تقليل التعقيد في البنية التحتية غير الخاصة بالمعالج الكمّي، مثل الموصلات والمضخمات.
“هذا أحد الأسباب الرئيسية لحماسنا تجاه رموز qLDPC، لأنها تقلل أيضًا من الحمل الزائد غير المتعلق بالمعالج الكمومي.”