علماء يبتكرون روبوت إسفنجي بخلايا دماغ وعضلات حية يتحرك بالضوء

في مشهد غريب أشبه بالكائنات الحية، يتحرك روبوت إسفنجي صغير عبر سطح مبلط عند تعرضه لوميض من الضوء. وعندما ينقلب على ظهره، يبدأ بالتحرك كما لو كان يؤدي تمارين البطن. بفضل تعديل تردد الضوء، يتمكن العلماء من التحكم بسرعة حركته وفترات “الراحة” بعد جولات طويلة من الزحف.
مزيج من البيولوجيا والإلكترونيات
ما يميز هذا الروبوت عن الروبوتات اللينة التقليدية أنه يجمع بين خلايا عضلية وعصبية حية مع هيكل مطبوع ثلاثي الأبعاد وإلكترونيات لاسلكية. تم تعديل الخلايا العصبية وراثيًا لتستجيب للضوء، وعند تفعيلها ترسل إشارات إلى العضلات المجاورة لتتقلص أو تسترخي. المثير أن الروبوتات الإسفنجية حافظت على قدرتها على الحركة لأكثر من أسبوعين، مما يشير إلى إمكانية تطوير “عقل بيولوجي مصغر” يوجه حركتها.
تطبيقات في الطب والأبحاث
سبق أن صمم العلماء روبوتات حيوية تستخدم الكهرباء أو الضوء للتحكم بالعضلات، لكن إضافة الخلايا العصبية يمنحها مرونة أكبر وقدرة على التذكر وإنجاز المهام المتكررة. هذه الروبوتات يمكن أن تصبح منصة لدراسة الحركة واضطراباتها وتطوير الأدوية دون الحاجة لاستخدام حيوانات مختبرية. وبفضل توافق مكوناتها مع الأجسام الحية، يمكن استخدامها أيضًا في تشخيص الأمراض وإيصال الأدوية.
التصميم والوظائف
قام الفريق بطباعة هيكل يشبه الرقم ثمانية مع قسم أوسط أوسع يحتوي على “الدماغ”. أضيفت خلايا عضلية مأخوذة من الفئران داخل قنوات الهيكل حتى تشكلت أنسجة قادرة على الانقباض. أما الجزء العصبي فتمثل في مجموعات صغيرة من الخلايا العصبية (Neurospheres) المصنوعة من خلايا جذعية معدلة وراثيًا للاستجابة للضوء. هذه الخلايا أنشأت وصلات عصبية عضلية شبيهة بتلك الموجودة في أجسامنا، مما سمح للروبوت بإفراز مواد كيميائية تحفز العضلات على الحركة. أُضيف أيضًا نظام إلكتروني يتكون من وحدة لاسلكية وخمس مصابيح LED صغيرة للتحكم في نشاط الخلايا العصبية بالضوء.
سلوك الروبوتات
تحرك الروبوت بسرعة بطيئة تعادل 0.8 ملم في الدقيقة، لكن أرجلها كانت تنقبض بشكل متزامن، مما يدل على انسجام بين الخلايا العصبية والعضلية. المدهش أن بعض الروبوتات واصلت الحركة حتى بعد إطفاء الضوء، بينما تحركت أخرى تلقائيًا بشكل عشوائي. كما احتاجت الروبوتات لفترات راحة مشابهة للجسم البشري بعد مجهود عضلي، وتوقفت عن العمل تدريجيًا بعد أسبوعين بسبب تراكم السموم الأيضية.
نحو جيل جديد من الروبوتات الحية
يمثل هذا البحث خطوة كبيرة نحو بناء روبوتات “سايبورغ” حقيقية تجمع بين الشبكات العصبية الحية والهياكل الإلكترونية. يرى الباحثون أن هذه الروبوتات توفر منصة لدراسة سلوك الأعصاب والعضلات، ويمكن تطويرها مستقبلًا بإضافة أنظمة استشعار وردود فعل متقدمة، بل وحتى مراكز عصبية متعددة كما في بعض الكائنات البحرية، ما قد يفتح الباب أمام أشكال جديدة من الروبوتات ذات وظائف بيولوجية معقدة.
الروبوت الإسفنجي الحيوي ليس مجرد تجربة مثيرة، بل هو نموذج مبدئي يوضح كيف يمكن لدمج الخلايا الحية مع الإلكترونيات أن يفتح آفاقًا جديدة في مجالات الطب، تطوير الأدوية، والروبوتات المستقبلية. ومع استمرار الأبحاث، قد يصبح هذا النوع من الروبوتات أداة فعالة لفهم الجهاز العصبي وبناء آلات أكثر مرونة وكفاءة مستوحاة من الطبيعة