أدوات الترميز بالذكاء الاصطناعي تتجه نحو المفاجأة: الطرفية (Terminal)

لطالما كانت أدوات تحرير الأكواد مثل Cursor، Windsurf، وGitHub Copilot هي المعيار الذهبي في تطوير البرمجيات بمساعدة الذكاء الاصطناعي. ولكن مع تطور الذكاء الاصطناعي التفاعلي وانتشار مفهوم “الترميز بالحدس” أو vibe coding، ظهرت نقلة نوعية: لم تعد أنظمة الذكاء الاصطناعي تتعامل فقط مع الكود، بل باتت تتفاعل مباشرةً مع واجهة الأوامر الطرفية (Terminal) للنظام.
الطرفية، والمعروفة بشاشتها السوداء التي اعتدنا رؤيتها في أفلام الهاكرز القديمة، قد تبدو بدائية مقارنة بمحررات الأكواد الحديثة، لكنها توفر واجهة قوية ومرنة للمطورين المحترفين. وبينما تستطيع الوكلاء البرمجية كتابة وتصحيح الأكواد، غالبًا ما تكون أدوات الطرفية ضرورية لتحويل الشيفرة البرمجية إلى برنامج قابل للتنفيذ.
التحول نحو الطرفية: مؤشرات من كبرى المختبرات
منذ فبراير، أطلقت شركات مثل Anthropic، DeepMind، وOpenAI أدوات ترميز تعتمد على الطرفية مثل:
-
Claude Code
-
Gemini CLI
-
CLI Codex
ورغم أنها تحمل أسماء مشابهة لأدوات الترميز القديمة، إلا أنها تعمل بأسلوب مختلف جوهريًا. بدلًا من مجرد التعامل مع الأكواد، تتفاعل هذه الأدوات مع الأنظمة بعمق – سواء كانت متصلة بالإنترنت أو تعمل محليًا.
يقول أليكس شو، المؤسس المشارك لأداة TerminalBench:
“رهاننا الكبير أن 95% من تفاعل نماذج اللغة الكبيرة مع الحاسوب سيكون من خلال واجهة طرفية”.
الأدوات الطرفية في مواجهة الأدوات التقليدية
في الوقت نفسه، بدأت الأدوات التقليدية مثل Windsurf تفقد قوتها وسط صراعات الاستحواذ والانقسامات الإدارية. كما كشفت دراسة أجرتها منظمة METR أن الأداء الفعلي لأداة Cursor Pro كان أبطأ بنسبة 20% من المتوقع، رغم أن المطورين قدّروا أنها تسرّع العمل بنسبة 20-30%.
هذا الفراغ سمح بظهور أدوات جديدة مثل Warp
، التي تقدم بيئة تطوير تعتمد على الطرفية. ووفقًا لمؤسسها زاك لويد:
“الطرفية تقع في أدنى طبقة من طبقات تطوير البرمجيات، ما يجعلها أكثر الأماكن تنوعًا لتشغيل الوكلاء الذكيين”.
الفرق بين أدوات الطرفية وأدوات الكود التقليدية
لاختبار فعالية هذه الأدوات، يتم استخدام معايير مختلفة. فعلى سبيل المثال، تعتمد أدوات الكود التقليدية على اختبارات مثل SWE-Bench
التي تركز على إصلاح أخطاء من GitHub، بينما تتعامل أدوات الطرفية مع مهام أشمل وأكثر تعقيدًا.
مثلًا، في أحد اختبارات TerminalBench
، يُطلب من الوكيل تحليل برنامج فك ضغط لتحديد خوارزمية الضغط المقابلة. وفي اختبار آخر، يُطلب منه بناء نواة لينكس من المصدر – دون أن يُذكر أنه يجب تحميل الشيفرة أولًا.
هذا النوع من المهام يتطلب قدرة على حل المشكلات خطوة بخطوة، وهي المهارة التي تميز الذكاء الاصطناعي التفاعلي (Agentic AI).
التحديات والآفاق المستقبلية
حتى مع تقدم هذه الأدوات، فإن التحديات لا تزال قائمة. فعلى سبيل المثال، حققت Warp أعلى نتائج في اختبار TerminalBench لكنها لم تتجاوز 50% من التحديات – ما يعكس صعوبة المهام.
ومع ذلك، يرى لويد أن الأدوات الطرفية أصبحت بالفعل قادرة على تنفيذ معظم المهام غير البرمجية بشكل ذاتي:
“عند إنشاء مشروع جديد، ومعرفة المتطلبات وتشغيله، يمكن لـ Warp تنفيذ معظم هذه الخطوات تلقائيًا، وإذا فشل فسيخبرك بالسبب”.
خلاصة: مستقبل التطوير يبدأ من الطرفية
التحول نحو الطرفية قد لا يكون واضحًا للجميع، لكنه يحدث بهدوء وفاعلية. وبينما تتباطأ أدوات التحرير التقليدية، تتقدم أدوات الطرفية كبديل أقوى وأكثر مرونة – ليس فقط لكتابة الكود، بل لإدارة البنية التحتية وتشغيل البرمجيات.