صعود أسراب الطائرات بدون طيار لخدمة المجتمع: من المراقبة إلى الحماية العامة

مع تزايد الكوارث المرتبطة بالمناخ وتعقيد البنية التحتية الحضرية، أصبحت المدن والهيئات العامة بحاجة إلى أدوات أسرع وأكثر ذكاءً وموثوقية لمنع الأزمات والتعامل معها.
وفي هذا الإطار، تشكل أسراب الطائرات بدون طيار أنظمة جوية مستقلة قادرة على التعاون فيما بينها اعتمادًا على سلوكيات ناشئة وخوارزميات التوافق، دون الحاجة إلى وحدة تحكم مركزية. تعمل هذه الأنظمة حتى عند تعطل البنية التحتية التقليدية للاتصالات، كما هو الحال في الفيضانات والزلازل.
شاهد ايضا:- تحذير الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic من الذكاء الاصطناعي يُقابل بالرفض من رئيس Nvidia
في مقدمة هذا التحول تقف مؤسسة الابتكار التكنولوجي (TII)، وهي مركز أبحاث عالمي رائد يمثل الذراع التطبيقية لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدمة في أبوظبي. تسهم TII في تطوير مفهوم الاستقلالية الجماعية من خلال الذكاء الاصطناعي اللامركزي واتخاذ القرار الذاتي، مما يمكّن الطائرات من التحرك بحدس في بيئات حضرية ديناميكية.
أثر فوري وفعلي
استلهمت TII نماذجها من الطبيعة، حيث تحاكي أسراب الطائرات المدعومة بالذكاء الاصطناعي سلوك الطيور والنحل. فهي قادرة على التنظيم الذاتي والتواصل والتكيف في الوقت الفعلي، مما يجعلها مثالية في سيناريوهات الأزمات التي يكون فيها الوقت حاسمًا.
في حالات الكوارث الطبيعية أو الحوادث الصناعية، يمكن لأسراب الطائرات أن تحدث ثورة في الاستجابة للطوارئ. فهي قادرة على تحديد أولويات المهام، وتوزيعها، وتنظيم أدائها ذاتيًا.
وفي مناطق الكوارث، يمكنها البحث عن ناجين بشكل مستقل، ورسم خرائط للمناطق الخطرة، وتوفير بيانات فورية لفرق الإنقاذ. أما في حالات فشل البنية التحتية – كجسر منهار أو انقطاع شبكة كهرباء – فتقوم بتقييم الأضرار فورًا والمساعدة في تنسيق جهود الإصلاح.
تُعد هذه قدرات مثبتة؛ حيث أثبتت أبحاث TII فعالية هذه التقنية في محاكاة العالم الحقيقي وبيئات تجريبية محكمة.
ما بعد الطوارئ: نحو المدن الذكية
لا يقتصر الدور على إدارة الأزمات، بل يمتد نحو الوقاية منها. تُستخدم نفس التقنية حاليًا في مراقبة فورية لحركة المرور، وجودة الهواء، وسلامة المنشآت في المدن الذكية.
فمن خلال دوريات طائرات مستقلة، يمكن اكتشاف المشكلات قبل تفاقمها، وفحص الجسور وخطوط الكهرباء، ورصد التغيرات البيئية على نطاق واسع.
وبهذا، تساهم هذه التقنية في أولويات الحوكمة الرقمية مثل: الاستدامة، والسلامة، والمرونة.
تتماشى جهود TII مع استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031، وتُبرز التزامها بتطوير ذكاء اصطناعي أخلاقي ومسؤول. وبفضل دعمها الحكومي وتجاربها الواقعية، تُعد TII رائدًا في تحويل الابتكار إلى قدرة وطنية قابلة للتطبيق.
شاهد ايضا:- لماذا يجب دمج سجلات التدقيق في أنظمة الذكاء الاصطناعي قبل التوسع؟
تغيير الصورة النمطية
رغم هذه الفوائد، ما زالت الصورة النمطية السائدة تربط أسراب الطائرات بالمراقبة والتجسس. ومن الضروري تغيير هذا الانطباع.
تخيل مثلًا نشوب حريق في منطقة سكنية؛ يمكن لأسراب الطائرات اكتشاف البؤر الساخنة، تنبيه الجهات المختصة، ورسم مسارات الإخلاء، مما ينقذ الأرواح قبل انتشار اللهب.
تسعى TII إلى تحويل السرد من الخوف إلى الوظيفة، ومن السيطرة إلى التعاون. ولتحقيق ذلك، يجب على الجهات الحكومية والمؤسسات البحثية الاستثمار في التوعية، والشفافية، ومشاركة الجمهور.
ومن خلال العروض الحية، والمواد التوضيحية، وحملات التواصل، يمكن توضيح آليات عمل هذه التقنية، والتأكيد على أنها تدعم القرار البشري، ولا تحل مكانه.
الوقت الآن: نحو جاهزية شاملة
مع التخطيط لمستقبل مليء بعدم اليقين، لا ينبغي أن نسأل ما إذا كان يجب استخدام أسراب الطائرات، بل متى سنبدأ.
قدرتها على التنسيق اللحظي في مساحات واسعة تُعد نقلة نوعية في بنية إدارة الأزمات. لم يعد السماء الحد الأقصى، بل أصبحت جزءًا من الحل.
حول الكاتب
البروفيسور إنريكو ناتاليزيو يشغل حاليًا منصب الباحث الرئيسي في مركز أبحاث الروبوتات المستقلة التابع لـ TII، كما يعمل أستاذًا كاملًا في مختبر LORIA في جامعة لورين الفرنسية.
حصل على درجة الماجستير بتقدير ممتاز، والدكتوراه في هندسة الحاسوب من جامعة كالابريا بإيطاليا.
تنقل بين عدد من المراكز البحثية في أوروبا والولايات المتحدة، وتتركز اهتماماته البحثية حول:
-
اتصالات الطائرات بدون طيار
-
الشبكات الروبوتية
-
تقنيات الشبكات الخاصة بالكوارث ومراقبة البنية التحتية
-
خصوصية وأمن إنترنت الأشياء
ويعمل حاليًا محررًا مشاركًا في مجلتي Vehicular Communications و Computer Networks.
شاهد ايضا:- الاحتيال عبر الذكاء الاصطناعي: كيف يسرق المحتالون ملايين الدولارات من نظام التعليم العالي الأمريكي